المانع الأدبي الناشئ عن الخطوبة في قانون البينات السوري
أثناء الخطبة يحاول كل من الخطيبين الظهور بأحسن صورة له فتكثر المجاملات ومحاولات إخفاء العيوب واظهار القناعة بالطرف الآخر والثقة المطلقة بذاته.
وقد تقوم بين الخطيبين خلال هذه الفترة علاقات مالية وتصرفات قانون ية، وتبعاً لذلك نجد أنه من الصعب والمحرج أخذ إيصالات وتنظيم عقود خطية.
كما قد يقوم الخاطب خلال هذه الفترة بتقديم دفعات مالية للمخطوبة في سياق التجهيز للزواج مع العلم أن التساهل الذي يجري أثناء الخطبة في عدم الاستيثاق هو دوماً نوع من الإمعان في إثبات حسن النية والترفع بغية الوصول إلى خاتمة الخطبة بالزواج الأمر الذي يجسد المانع الأدبي بشكل صريح.
ومع أن المشرع عندما ذكر أمثلته على المانع الأدبي في الفقرة/ 112 / من المذكرة الإيضاحية لقانون البينات لم يأت على ذكر العلاقة بين الخاطب والمخطوبة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم يعتبر علاقة الخطبة من الموانع الأدبية.
فالمشرع لم يذكر الموانع الأدبية على سبيل الحصر وانما على سبيل المثال، والمعيار الأساسي الذي أعمله المشرع لقيام الموانع الأدبية إنما هو الثقة المتبادلة بين أطراف الالتزام والشعور بالحرج من أن يطلب أحدهما من الآخر دليلاً كتابياً .
وهذا المعيار متوفر بشكل جلي وواضح في العلاقة بين الخاطب والمخطوبة، ولعل حالة الخطبة أكثر حساسية من حالة الزواج؛ لأن فيها الكثير من الحذر والخوف من مساس كل طرف بمشاعر الآخر وبذلك يكون المانع الأدبي موجوداً بشكل قوي في هذه المرحلة.
وقد كرست محكمة النقض السورية هذا الاتجاه بقرار لها جاء فيه:
( إن علاقة الخطوبة أثناء قيامها تفرض في الأصل قيام صلات من المود والثقة المتبادلة ما لم يقم دليل يثبت العكس. وعلى من يدعي خلاف الأصل إثبات ذلك، وللمحكمة أن تستخلص من قيام علاقة الخطوبة مانعاً أدبياً وتجيز إثبات الالتزام بالبينة الشخصية عملاً بالمادة/ 57 / من قانون البينات)
نقض سوري – هيثة عامة – قرار 425 أساس 966 تاريخ 21/10/2002 مشار اليه في كتاب محمد أديب الحسيني ” الاثبات في القضايا المدنية والتجارية السورية – ج 2 . 2009 ص 658 .
ولذا فلا تثريب على المحكمة إن هي استخلصت من قيام هذه العلاقة مانعاً أدبياً وأجازت إثبات الالتزام المدعى به بالبينة الشخصية.
《المحامي باسل ألفا》