تضمن قانون المخدرات مجموعة من الجنح، بعضها يرتكب من أشخاص مرخص لهم بإحراز المخدرات، وأخرى ترتكب من أشخاص غير مرخص لهم بذلك.
1- جنح ترتكب من أشخاص مرخص لهم بحيازة المخدرات:
منح المشرع حق الاتصال بالمواد المخدرة لجهات وأشخاص بعد الحصول على ترخيص بذلك، ولكن من الممكن أن تصدر عن هؤلاء بعض التصرفات التي عدها المشرع جنحاً وعاقب عليها.
أ- جنحة تجاوز فروق الأوزان: ترتكب هذه الجريمة من الأشخاص المرخص لهم في الاتجار في المواد المخدرة وهم الذين حددتهم المادة الثالثة من قانون المخدرات، فهؤلاء هم الذين يقومون بعملية وزن المواد المخدرة وبالتالي يمكن أن تقع منهم الجريمة.
وتعد الجريمة قائمة إذا زادت أو نقصت كمية المواد المخدرة نتيجة تكرار عمليات الوزن عن النسب التي حددها قانون المخدرات زيادة أو نقصاناً، والنسب المتسامح بها حددتها المادة (48) من قانون المخدرات وهي تتناسب عكساً مع كمية المخدر التي يقوم المرخص له بوزنها، فكلما زادت كمية المخدر التي يقوم الفاعل بوزنها قلت النسبة المتسامح بها، وكلما نقصت كمية المخدر التي يقوم الفاعل بوزنها زادت النسبة المتسامح بها.
إن النسب المتسامح بها قانوناً لا تصبح حقاً للمرخص له، وإنما عليه أن يقوم بقيدها في الدفاتر والسجلات المخصصة له، ويعلم بها الجهات المختصة.
هذه الجريمة غير قصدية، ولكن إذا انصرف قصد الفاعل إلى صرف مواد مخدرة أقل أو أكثر مما هو وارد في الوصفة أو الطلب فإنه يكون مقترفاً لإحدى جنايات المخدرات، وهذا مستنتج من عبارة «مع عدم الإخلال بالمواد السابقة».
يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الغرامة التي لا تزيد على خمسة آلاف ليرة سورية، وفي حالة التكرار يحكم بمضاعفة الغرامة إضافة إلى إلغاء الترخيص الإداري للاتجار.
ب - جنحة عدم إمساك الدفاتر والسجلات الخاصة وعدم التدوين فيها: ألزم المشرع الأشخاص المرخص لهم بالاتجار بالمخدرات أن يمسكوا دفاتر وسجلات كل صفحة منها مرقومة ومختومة بختم وزارة الصحة، وأن يقوموا بتسجيل جميع الكميات الواردة والصادرة بصفة مستمرة.
يتمثل الفعل المادي لهذه الجريمة في صورة امتناع عن القيام بواجب يفرضه قانون المخدرات على المرخص له بإمساك تلك الدفاتر والقيد فيها وإبرازها للجهات المختصة.
الركن المعنوي لهذه الجريمة يتخذ صورة القصد الجرمي الذي يقوم على العلم والإرادة.
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الغرامة بما لا تزيد على خمسة آلاف ليرة سورية. ولكن إذا كان قصد المرخص له من ارتكاب هذه الجريمة التستر على جريمة أخطر كالحيازة أو الإحراز فإن فعله يعدّ جناية وهذا ما أشارت إليه عبارة «مع عدم الإخلال بالمواد السابقة».
ج - جنحة وصف الطبيب لمخدر لغير قصد العلاج وصرف الصيدلي لمخدر من دون وصفة: يعد الطبيب والصيدلي من الأشخاص المرخص لهم بالاتصال بالمخدر، فحيازتهما للمخدر تظل مشروعة ما داما متمتعين بحق ممارسة المهنة.
وقد حددت المادة (15) حالتين لتجريم الطبيب ومعاقبته وهما وصف الطبيب مواد مخدرة لغير قصد العلاج، وتحرير الطبيب لنفسه وصفة بأي كمية من المواد المخدرة لاستعماله الخاص.
وجرمت المادة (18) ثلاث حالات تتعلق بالصيدلي حينما يصرف أدوية مخدرة من دون وصفة طبية أو من دون بطاقة رخصة أو صرف أدوية مخدرة بموجب الوصفات الطبية إذا زادت الكمية المدونة فيها على الكميات المقررة بالجدول رقم /3/.
قرر المشرع لهذه الجنحة عقوبة الحبس من عشرة أيام إلى ثلاث سنوات والغرامة مئة ألف ليرة.
2- جنح ترتكب من أشخاص غير مرخص لهم بحيازة المخدرات:
نص المشرع على تجريم كل الحالات التي يتصل فيها الفاعل اتصالاً غير مباشر بالمواد المخدرة سواء من خلال مجالسة المتعاطين أم من خلال استيراد مواد ضعيفة التخدير أو تصديرها أو تصنيعها أم من خلال الحيازة المجردة للمخدرات.
أ- جنحة الوجود في مكان مخصص لتعاطي المخدرات: يتمثل الركن المادي لهذه الجنحة بوجود شخص في مكان معد ومهيأ ومخصص لتعاطي المواد المخدرة، وبضبطه من قبل أفراد الضابطة العدلية في أثناء وجوده في هذا المكان أو في أثناء خروجه منه. كما أكد المشرع ضرورة حدوث هذا الضبط في أثناء وجود شخص أو عدة أشخاص آخرين في هذا المكان يتعاطون المخدرات.
يتخذ الركن المعنوي لهذه الجنحة صورة القصد الجرمي، أي يكفي لقيامها توافر علم الجاني بأن هذا المكان معد ومهيأ لتعاطي المخدرات وبأنه يتم التعاطي فيه، وباتجاه إرادته لدخول هذا المكان والوجود فيه.
قرر المشرع لهذه الجنحة عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنة والغرامة من ألف إلى خمسة آلاف ليرة سورية.
ولمراعاة الضرورات الاجتماعية استثنى المشرع من العقاب الزوج والزوجة أو أصول أو فروع من أعد أو هيأ مكاناً لتعاطي المخدرات أو من يساكنه؛ لأن هؤلاء قد تضطرهم ظروفهم إلى الجلوس في هذا المكان من دون رغبة منهم في مشاركة المتعاطين أنفسهم.
ب - جنحة استيراد مواد ضعيفة التخدير أو تصديرها أو تصنيعها: يقوم الركن المادي لهذه الجنحة على استيراد مواد مخدرة مدرجة في الجدول رقم /2/ الملحق بقانون المخدرات أو تصديرها أو تصنيعها وفي غير الأحوال التي يجيز فيها القانون للفاعل ذلك.
يتخذ الركن المعنوي في هذه الجنحة صورة القصد الجرمي العام الذي يقوم على العلم بأنه يريد استيراد مواد مدرجة في الجدول /2/ الملحق بقانون المخدرات أو تصديرها أو تصنيعها، وأن تتجه إرادته إلى ارتكاب الفعل.
ونظراً لطبيعة هذه المواد غير المخدرة ولكنها تخضع في التعامل بها لبعض قيود المواد المخدرة قرر المشرع عقوبة الحبس مدة لا تزيد على السنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف ليرة سورية فضلاً عن المصادرة.
ج- جنحة حيازة المخدرات بغير قصد الاتجار أو الاستعمال الشخصي: عبر هذه الجنحة أراد المشرع معاقبة كل الحالات التي يتصل فيها الشخص بفعله اتصالاً غير قانوني بالمواد المخدرة، وبالتالي فإن الحيازة المجردة للمواد المخدرة تكفي لتحقق الركن المادي لهذه الجنحة. فلو لم يعاقب المشرع الحيازة المجردة واكتفى بمعاقبة الحيازة بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي لأفلت من العقاب الكثير من المجرمين.
وتتطلب هذه الجنحة لقيامها توافر القصد الجرمي العام، وبالتالي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة كالاتجار أو التعاطي.
قرر المشرع لهذه الجنحة عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز السنة وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ليرة سورية.
《المحامي باسل ألفا》